عصر ايران - عربي 21 - كتب جون كيرياكو، الضابط السابق في مجال مكافحة الإرهاب في الـ"سي آي إيه" أن المبررات التي تقدم اليوم لتبرير الحرب على إيران هي نفسها التي قدمها المحافظون الجدد ضد العراق عام 2003.
وقال في مقال نشره موقع "كونسورتيوم نيوز": "قضيت 15 عاما في الـ"سي آي إيه"، وأحب التفكير أنني تعلمت شيئا، وتعلمت كيف تعمل البيروقراطية الفدرالية، وتعلمت أن الكاوبوي في الحكومة و"سي آي إيه" ودوائر الحكومة الأخرى يمكنهم لعب دور مهم في تشكيل السياسات. وتعلمت أن "سي آي إيه" يمكنها أن تدفع للحد الأقصى من ناحية استخدام القانون حتى يدفعها طرف آخر للوراء. وتعلمت أن "سي آي إيه" يمكنها شن حرب بدون أي تفكير مهما كانت نتائج قرارها، فلم تكن هناك استراتيجية خروج أبدا".
وأضاف: "تعلمت كل هذا أثناء التحضيرات لغزو العراق. في ربيع عام 2002 حيث كنت في الباكستان أعمل ضد القاعدة، وعدت إلى مقر "سي آي إيه" في أيار/ مايو من ذلك العام ليقال لي إن قرارا قد اتخذ قبل عدة أشهر في البيت الأبيض لغزو العراق. صُعقت وعندما عُرضت عليّ خطة الحرب كان كل ما قلته: "لكننا لم نقبض على ابن لادن"، فرد رئيسي: "لكن القرار اتخذ". وواصل: "في العام المقبل، في شباط/فبراير سنقوم بغزو العراق والإطاحة بصدام حسين وننشئ أكبر قاعدة جوية في العالم بجنوب العراق. وسنذهب إلى مجلس الأمن الدولي ونتظاهر بأننا نريد قرارا دوليا وفي الحقيقة فقد صدر القرار".
ويتابع الضابط السابق: "بعدها، بدأ وزير الخارجية كولن باول رحلاته حول أوروبا والشرق الأوسط لحشد الدعم لصالح الغزو. وذهب بالتأكيد إلى الأمم المتحدة وناقش أن العراق لديه أسلحة دمار شامل وهذا يقتضي الغزو للإطاحة بالنظام، لأن البلد يمثل تهديدا محتوما على الولايات المتحدة".
وعقّب قائلا: "كل القضية قامت على كذبة، فقد اتُخذ القرار واختلقت "الحقائق" بعد ذلك لدعمها. وأعتقد أن الأمر نفسه يحدث الآن".
وواصل ضابط "سي آي إيه"، شرح اللعبة بالقول: "أولا، قال دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية عام 2016 وبشكل متكرر إنه سيخرج من خطة العمل المشتركة الشاملة، وهو ما فعله يوم الثلاثاء، وتعرف أيضا بصفقة العقوبات الإيرانية. وهي صفقة تسمح للمفتشين الدوليين بالتأكد من عدم تخصيب البلد لليورانيوم وأن لا يبني برامج أسلحة نووية. وفي المقابل تقوم الدول الغربية برفع العقوبات عن إيران والسماح لها بشراء قطع الغيار والأدوية والأمور الأخرى التي لم تكن قادرة على شرائها. ونجحت الاتفاقية رغم احتجاج المحافظين وغيرهم في أماكن أخرى. وبالتأكيد فنظام التفتيش هو نفسه الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق قبل عقدين".
وأضاف: "ثم واصل ترامب خطابه المعادي لإيران منذ أن أصبح رئيسا وأهم من هذا عيّن صقورا معادين لإيران في مركزين مهمين، فقد سلم مدير "سي آي إيه"، مايك بومبيو، منصب وزير الخارجية وجون بولتون، السفير السابق في الأمم المتحدة، مستشارا للأمن القومي. ولم يُخفي الاثنان موقفهما من تغيير النظام في إيران، وهي سياسة يمنعها القانون الدولي".
ويرى الكاتب أن ما يثير القلق هو التحالف الفعلي ضد إيران بين إسرائيل والسعودية والإمارات العربية المتحدة. وكان عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لما قال إنه مشروع إيران السري يشبه وبشكل مخجل عرض باول أمام مجلس الأمن في 15 شباط/فبراير، وأخبر العالم أن العراق لديه اسلحة، وكانت كذبة أيضا.
ويتابع الكاتب: "قام ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عراب الحرب السعودية في اليمن، وهي حرب بالوكالة، بجولة طويلة في الولايات المتحدة وفرنسا حيث تحدث عن "التهديد الإيراني" في كل مرحلة. والخطاب المنطلق من الإمارات والبحرين معادٍ مثل ذلك المنبعث من السعودية. وفي الوقت نفسه هناك صمت في الكابيتال هيل/ الكونغرس تماما كما حدث عام 2002".
ويواصل الكاتب: "يمكنني القول من تجربة حقيقية، أنني رأيت هذا من قبل، تقوم حكومتنا بتحضير الأجواء لحرب جديدة، وراقِب عدة أشياء: أولا، سيواصل ترامب الصراخ حول "التهديد" من إيران، وسيصبح ديدنه اليومي. وسيناقش أن إيران معادية وتشكل خطرا محتوما على الولايات المتحدة. وبعدها سيسافر بومبيو إلى الشرق الأوسط وأوروبا كي يحشد الدعم للعمل العسكري، ومن ثم تقوم السفيرة نيكي هيلي بالصراخ أمام مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة أن أمريكا لا خيار أمامها غير حماية نفسها وحلفائها من إيران. وستأتي الطلقة الأخيرة – وإشارة عن الحرب- من خلال نشر حاملات الطائرات في شرق المتوسط، وبحر العرب والخليج. صحيح أن هناك حاملات موجودة في المنطقة ولكن عددا منها هو محاولة استفزاز. وعلينا أن نراقب بحذر ونعارض حرب اختيار جديدة. ولن يتم خداعنا أو مفاجأتنا. ليس مرة أخرى".