عصر إيران - رويترز - كان العراق يوما أحد أكبر منتجي التمور في العالم. لكن الإنتاج الذي تضرر بفعل سنوات من الإهمال والحرب مع إيران في الفترة من 1980-1988 انخفض إلى الحد الذي جرى فيه حظر الواردات في الوقت الحالي لحماية الصناعة المحلية.
لكن ذلك لم يوقف المهربين وخاصة المنتجين الإيرانيين الذين يخبئون التمور التي ينتجونها أسفل صناديق من الكرتون تحوي فاكهة أخرى. والسعودية أيضا منتج كبير، لكن الإيرانيين يحتكرون السوق.
وقال مهدي حقيقت، الذي يملك شركة إيرانية لتجارة التمور تحمل اسمه، إن "تمور حقيقت هي الأفضل في العراق حاليا"، مضيفا أنه قبل 3 سنوات، كانت 20% من تمور شركته تباع في العراق. والآن زاد الرقم إلى أكثر من 90%.
وقال قصي حمدان، وهو تاجر في سوق خارج بغداد، إن "الحكومة لا تفعل شيئا. إيران تتحكم في السياسة والاقتصاد العراقي".
معارك تجارية
وسمح تحسن العلاقات لإيران بتكوين علاقات في مجالات عديدة، من بينها قطاع الأعمال. وقال دبلوماسي غربي يتابع إيران عن كثب منذ سنوات: "إنها الحيلة ذاتها. ساعِد العراقيين، ثم تأكد أنهم يساعدونك في إقامة أعمال تجارية مشروعة...".
وإيران الآن أكبر شريك تجاري للعراق، مع حجم تبادل تجاري سنوي يبلغ حوالي 12 مليار دولار، وفقا لمسؤولين عراقيين. ويبلغ حجم التجارة السنوية بين السعودية والعراق حوالي 6 مليارات دولار.
وتصدر إيران المواد الغذائية والماشية ومواد البناء والمنتجات البلاستيكية إلى العراق. ويقول تجار محليون إن المواد الغذائية الإيرانية والسيارات رخيصة السعر، بما في ذلك سيارات الأجرة الصفراء التي تنتشر في أنحاء بغداد، تهيمن على الأسواق العراقية.
والجودة عامل حاسم حينما يتعلق الأمر بالتمور وكذلك التسويق والتعبئة، وفقا لما يقوله نائب وزير الزراعة العراقي مهدي القيسي، الذي قال لوكالة "رويترز": "إنها طريقة لا زلنا غير قادرين على القيام بمثلها لحد الآن".
ملك التمور
يقول مسؤولون عراقيون إن من المستحيل معرفة الكيفية التي تباع بها الكثير من التمور الأجنبية في العراق، لأنها تُجلب بشكل غير قانوني. لكن من الواضح أن العراق لم يعد ملك التمور.
وفي ذروة ازدهاره، كان العراق ينتج 3 أرباع كمية التمور المنتجة في العالم. ويمثل إنتاج العراق حاليا نحو 5% من الإنتاج العالمي، وهو سابع أكبر منتج، وفقا للمجلس الدولي للمكسرات والفاكهة المجففة.
وقال مستشار اتحاد الجمعيات الفلاحية التعاونية في العراق عباس القريشي، إن "التمور الإيرانية لها حصة الأسد بين أنواع التمور الأخرى التي تُسوق إلى داخل العراق بالمقارنة مع التمور السعودية والإماراتية والكويتية، لأن إيران لديها العديد من المنافذ الحدودية مع العراق في مناطق كردستان وفي المحافظات الجنوبية".
وتفضيل العراقيين للتمور الإيرانية بدا واضحا في سوق مترامية الأطراف خارج بغداد، حيث كان التجار منهمكين في ترتيب صناديق ملونة من الكرتون مليئة بالتمور الإيرانية في صفوف طويلة. وتخلى بعضهم عن بيع التمور المحلية، لأنهم يجنون أرباحا أكبر من بيع التمر الإيراني.
وقال التاجر محمد حامد: "لا نريد أن تقضي الحكومة على التهريب. نحن نبيع. قبل ثلاث سنوات كانت التمور العراقية تُباع مقابل 3 آلاف دينار (2.5 دولار) للكلغ. حاليا تُباع مقابل ألف دينار بسبب المنافسة مع إيران".
وفي مكان قريب كانت توجد صناديق تمور من السعودية. والكثير من المزارعين العراقيين يمكنهم بالكاد كسب رزقهم. وبالإضافة إلى نقص المياه والمبيدات الزراعية، يجب على المزارعين شراء الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية كي تبقي الثلاجات تعمل أثناء انقطاعات الكهرباء المتكررة في العراق، وهي عقبة لا يواجهها المنتجون الإيرانيون.
وقال المزارع عدنان جابر، البالغ من العمر 58 عاما: "نعاني من خسائر تصل إلى 70% بسبب التمور الإيرانية".
وتتصل شكاوى أخرى بالفساد والبيروقراطية. وقال ميثم كاظم (35 عاما)، إن "الحكومة تمنحنا المياه، لكن هذا ليس كافيا. طائرة المبيدات تأتي مرة كل عام".
وقال المتحدث باسم وزارة التجارة إن العراق يبذل كل ما في وسعه لحماية الصناعة المحلية، بما في ذلك تقديم دعم للمزارعين، لكن البلاد "اختارت مسار الأسواق الحرة".
المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، قال إن الوزارة تريد أن يتمكن المواطنون من اختيار المنتج الأفضل، وفي بعض الحالات فإن المنتج المحلي ليس الأفضل، مضيفا أن المزارعين بحاجة للاعتماد على أنفسهم وعلى القطاع الخاص.