عصر إيران - استطاع الجيش السوري وقوات محور المقاومة حاليا ان يسيطروا على 60 في المئة من مساحة سورية؛ ما يمكّن محور المقاومة وروسيا من أخذ الدور الأهم في المفاوضات السياسية. وهي الحقيقة التي أقر بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فقد صرح الأسبوع الماضي ان حضور بشار الأسد في المستقبل السياسي في سوريا هي حقيقة. والموقف هذا يظهر تغيير الاستراتيجية الفرنسية إزاء الحكومة السورية الحالية.
في محافظة دير الزور، شرقي سوريا، ينهدم داعش شيئا فشيئا، ويفقد آخر القرى التي يسيطر عليها في المسافة بين مدينتي الميادين وأبوكمال الى جانب نهر الفرات. أما السؤال الذي يطرح نفسه هنا فهو انه ماذا سيحل بمقاتلي داعش؟
يبدو انه وبعد انخفاض الصراعات شرقي سوريا، تشب نار الصراع في الضاحية الجنوب شرقية لحلب وشمالي حما، والشواهد الميدانية تدل على ان الجيش السوري والقوات المحالفة له، قد ركز انتباهه على هذه المنطقة، وهي اليوم تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (فرع القاعدة في سوريا) وحلفائها. ووفق تقرير الإعلام الحربي التابع لحزب الله اللبناني، لقد استطاع الجيش السوري وحلفائه ان يخرجوا عدة قرى وتلال مطلة عليها من سيطرة هيئة تحرير الشام بتقدمه في محور الخناصر. الا ان الصراعات أصعب وأكبر في شمالي حما. فالصراعات في هذه المنطقة ترتكز على محورين؛ محور زلين-الزلاقيات، ومحور مشيرفة، شمالي شرق حما.
حجم الصراعات في الضاحية الشرقية لدمشق أي الغوطة الشرقية تظهر ان هذه المنطقة مازالت خارجة عن أولويات الجيش السوري وحلفائه. فجيش الإسلام التابع للسعودية وجيش الفسطاط التابع لقطر وتركيا، هما اهم القوات المسلحة في الغوطة الشرقية، وقد جرت حتى الآن صراعات كثيرة بينهما، معظمهما في محور حرستا وعين ترما.
دراسة التطورات الميدانية في سوريا، تؤدي الى عدة نتائج مهمة:
يمكن القبول اليوم ان الجيش السوري وحلفائه يمتلكون الإبداع في جبهات القتال المختلفة، الا انه لا يمكن القول ان هذا الإبداع يعني سقوط المجموعات المسلحة في سوريا بشكل كامل. إذ ان هيئة تحرير الشام في شمال غرب البلاد وجيش الإسلام في الغوطة الشرقية مازالا القوتين الأساسيتين. وطالما تكون هاتان المجموتان حاضرتين في المعادلات العسكرية السورية فلا يمكن الحديث عن نهاية الصراعات في سوريا.
دراسة المواقف التركية الأخيرة تظهر ان أنقرة تبتعد من امريكا في ما يخص الشأن الكردي، بينما تقترب من روسيا. وقد أعلنت الحكومة التركية مؤخرا انها مستعدة لعرض قائمة المجموعات الكردية القابلة للتعامل لروسيا. وفي هذا السياق يتم اعتبار تأجيل هجوم الجيش التركي والمجموعات المسلحة المتحالفة معه على منطقة عفرين شمالي غرب سورية.
خروج الروس من سوريا لا يعني مغادرة القواعد العسكرية الروسية في سورية. فتعتبر طرطوس حاليا القاعدة البحرية لهم، ومطار حميميم في اللاذقية القاعدة الجوية، وحضور الروس سوف يكون مستمرا هناك. وإن تظهر تصريحات بوتين ان الهجمات الروسية ستتقلص، الا انه لا يمكن اعتبار خروج القسم الاكبر من القوات الروسية من سورية مغادرة كاملة.
مهما جرى في سورية سيكون الحضور العسكري لإيران في سورية خطا أحمر لإسرائيل. ولاشك انه سيشكل هذا الخط في المستقبل مصدر تحدّ كبير بين إسرائيل ومحور المقاومة.