عصر إيران
1. شبيها بالقذافي
طريقة قتل علي عبدالله صالح تشبه كثيرا طريقة قتل القذافي. فقد هرب القذافي بعد فقده القدرة والتحكم بالعاصمة الليبية الى مسقط رأسه أي مدينة سرت، ووقع أخيرا في فخ الثوار وقُتل بطريقة مشبوهة وبرصاصة أحدهم. وقد تم تسجيل جثمانه عبر كاميرا الهواتف المحمولة، وتم تداوله ليصدق الجميع ان القذافي قد قتل حقيقة.
وقد جرى الأمر ذاته بالنسبة لعلي عبدالله صالح. فقد حاول علي عبدالله صالح بعد هجوم الحوثيين على بيته في صنعاء ان يهرب الى مسقط رأسه أي مأرب، غير انه تم توقيفه في الطريق على يد الحوثيين وقتل بإطلاق رصاص من خلف رأسه. وقد سجل العسكريون من الحوثيين جثمان علي عبدالله صالح بكاميرا هواتفهم المحمولة، ونشروا الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد تم بث الفيديو عبر القنوات الفضائية ايضا للتأكيد على مقتل صالح.
لقد حكم كل من علي عبدالله صالح والقذافي لأكثر من ثلاثين عاما، غير انهم قتلوا أخيرا على يد أشخاص مجهولي الهوية، وتم تداول جثمان كل واحد منهم بين الأيدي وبعيدا عن الاحترامات الرسمية.
2. ماذا عن المستقبل؟
ماذا ينتظر اليمن في المستقبل؟ وماذا عن مستقبل حزب مؤتمر الشعب بقيادة صالح؟ ومستقبل الحوثيين؟ والحرب في اليمن؟
مستقبل اليمن سيدخل ظلاما معقدا، لا يمكن تخيل بريق ضوء في نهايته. ما يمكن قوله هو ان الحرب والجوع وعدم الاستقرار سيستمر.
وأما الحوثيون فسوف تزيد قوتهم، وستكون صنعاء في يدهم. وستقع أدوات القوة لدى حزب مؤتمر الشعب بيد الحوثيين وأهمها الجيش. كما ان نهاية علي عبدالله صالح، تضع رؤية مشؤومة أمام معارضي الحوثيين.
من جهته سيتلاشى حزب مؤتمر الشعب الذي كان يشكل محوره الأساسي علي عبدالله صالح. وأقسام الحزب المختلفة سوف تتشتت، دون ان تستطيع اي جهة ان توحدها.
ومن جهة أخرى دخلت الحرب في اليمن مرحلة جديدة. حزب مؤتمر الشعب قد انهار وضعف، ما يسبب في ارتفاع قوة حكومة عبد رب منصور والائتلاف العسكري السعودي في الحرب في اليمن، لأنه تم عزل أحد أكبر أعدائه. فقد كان هذا الائتلاف في الحرب مقابل الحوثيين وقوات صالح، وقد ذهب صالح اليوم.
يبدو ان السعودية ستحاول ان تستغل هذا الحدث قدر ما يمكن لتجذب اعضاء حزب مؤتمر الشعب نحوها. ومن جانب آخر سيحاول الحوثيون ان يخلعوا أدوات القوة عن حزب المؤتمر.
3. مواجهة إيران والسعودية
اليمن إحدى جبهات الحرب غير المباشرة بين ايران والسعودية. فالقوات السعودية حاضرة بشكل مباشر وإيران تساهم بشكل غير مباشر.
وقد مسح مقتل علي عبدالله صالح إحدى معلومات الأزمة في اليمن، ما يسبب في ازدياد التعقيد في هذه القضية. أما الظروف هذه فسوف تصب في صالح ايران والحوثيين، دون السعودية، فلابد ان نرى مستقبل التطورات لنحكم على أمرها.
4. صالح والإصرار على البقاء في الحكم
كانت حياة علي عبدالله صالح مشحونة بالأحداث. قد حكم لمدة 34 عاما، وربما يمكن إطلاق اسم "أب اليمن الحديثة" عليه، غير انه كان يحب الحكم حبا جما، ويفضله على كل شيء.
وحين ثار الشعب ضده عام 2011، قام بقمع المعترضين، وقتل كثير منهم. وحتى بعد مقترح مجلس العاون الخليجي لتنحيه عنم الحكم وموافقته على المقترح، تجنب الأمر لعدة مرات، ولم يخضع له الا بعد ضغوط كثيرة. وكان يحاول حتى بعد التنحي عن رئاسة الجمهورية ان يمتلك القدرة. وإصراره هذا سبب في تدخل السعودية ونشوب نار الحرب في اليمن الفقيرة، والخراب والمرض والجوع فيها.
5. علاقة إيران وعلي عبدالله صالح
لقد شهدت العلاقات بين ايران وعلي عبدالله صالح تطورات واختلافات كثيرة.
ففي حين كانت السلطات الإيرانية تدعم الحوثيين إبان حكم صالح، كانت تحافظ على علاقتها مع صالح ايضا.
دعمت ايران الثورة الشعبية في اليمن عام 2011 و2012 مقابل علي عبدالله صالح، الا انها وفي خطوة أخرى كانت تدعم ائتلافه مع الحوثيين ضد حكم عبد ربه منصور.
وفي الايام الاخيرة وبعد ان ترك صالح اتفاقه مع الحوثيين وقام بالعمليات العسكرية، وقفت السلطات الايرانية ضده، بينما كانت السعودية تدعمه بشكل كامل.
6. الربيع العربي في محطة صالح
ادى الربيع العربي الى تنحي الحكام في تونس وليبيا ومصر ثم اليمن. وبين كل هؤلاء حاول صالح ان يصمد للبقاء في الحكم، غير انه قتل برصاص، وتم تداول فيديو مقتله بين ملايين من البشر.
وبين هؤلاء قد أصر القذافي وصالح على البقاء في الحكم، فواجها نهاية همجية، وتركا بلديهما في حالة حرب ودمار؛ اما بن علي ومبارك اللذان تقبلا الهزيمة وتنحا عن الحكم، فقد فازا بحياتهما وحياة العائلتين والبلدين والبنى التحتية فيهما.