عصر إيران - انها "ملحمة” ، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني ، هي تلك التي صنعها الشعب الايراني يوم الجمعة 19 ايار / مايو في الانتخابات الرئاسية التي اذهلت الاصدقاء قبل الاعداء ، نظرا لحجم المشاركة الجماهيرية التي فاقت كل التوقعات تفاؤلا.
ملحمة الانتخابات الايرانية ، لم تقتصر علي حجم المشاركة فقط ، والتي تجاوز عدد الناخبين فيها ال40 مليون ناخب حتي كتابة هذه السطور ، من بين 56 مليون ناخب يحق لهم التصويت وفقا للقانون ، بل تعدتها الي الاجواء التي سادتها ، حيث جرت بكل سلاسة وهدوء وفي أمن وأمان ، ولم تسجل اي حادثة امنية رغم ان فترة الاقتراع تم تمديدها اكثر من مرة وانتهت عند الساعة 12 من منتصف ليل الجمعة ، وبلغ عدد مراكز الاقتراع 63 ألفا و429 مركزا.
تجاوز نسبة المشاركة اكثر من 71 بالمائة ، اذهل اكثر من 600 صحفي اجنبي قدموا من 42 بلدا لتغطية الانتخابات الايرانية ، فقد بدي ذلك واضحا من اعتراف حتي وسائل اعلام اجنبية لا تخفي عداءها للجمهورية الاسلامية ، من ان الانتخابات كانت منقطعة النظير ، وشارك فيها الملايين من الايرانيين الذين اصطفوا في طوابير طويلة امام مراكز الاقتراع في مدن وقصبات وقري ايران.
الاجواء الامنة التي جرت فيها الانتخابات امر يحسب للنظام الاسلامي الذي نجح في تحصين ايران بهذا الشكل المثالي في وسط اقليم ملتهب امنيا.
الجاليات الايرانية خارج البلاد كانت تقف منذ الصباح في طوابير طويلة امام القنصليات والسفارات الايرانية في 103 دول ، في تاكيد علي الارتباط الوجودي مع بلدهم الام ، وهذه المشاركة كانت ذات مغزي كبير ، حيث تعرضت هذه الجاليات لقصف اعلامي مركز من قبل اعداء ايران ، لثنيهم عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
المشاركة الملحمية للايرانيين بمختلف قومياتهم واديناهم ومذاهبهم ، نزلت كالصاعقة علي الدول والجهات والابواق المأجورة التي كانت تراهن علي عزوف ما اسمته "الاقليات” القومية والدينية والمذهبية في ايران عن المشاركة في الانتخابات ، بهدف افساد الانتخابات واثارة النعرات الطائفية والعرقية والدينية ، فكان الايرانيون من المسلمين السنة والمسيحيين واليهود والزرادشتية ، اسوة بالمسلمين الشيعة ، سباقين للمشاركة في صناعة الملحمة الانتخابية ، فقد حث امام جمعة مسجد "المكي” ومدير حوزة "دار العلوم” العلمية لاهل السنة في زاهدان جنوب شرق ايران ، مولوي عبدالحميد اسماعيل زهي في خطبة صلاة الجمعة ، المواطنين علي المشاركة الواسعة في الانتخابات دون الاكتراث بالدعايات السلبية التي تبثها بعض وسائل الاعلام وبعض الاشخاص ، معتبرا المشاركة واجبا وطنيا وشرعيا لانها تقرر مصير البلاد.
اما أسقف الكنيسة الآثورية الشرقية في إيران الأسقف مارنرساي بنيامين فقد اكد في حديث لوكالة الجمهورية الاسلامية للانباء "ارنا” بعد إدلائه بصوته في أحد مراكز الإقتراع بالعاصمة طهران ، اكد علي إن المشاركة الشعبية الواسعة في الإنتخابات هي ضمان للأمن القومي الايراني ، واصفا المشاركة الواسعة للشعب الإيراني بانها لم تكن متوقعة بهذا الحجم.
بدوره اكد أمين الإتحاد العالمي للآثوريين ممثل الآثوريين والكلدان في مجلس الشوري الإسلامي يوناتن بت كليا ، علي إن مشاركة المواطنين الايرانيين بمختلف اديانهم ومذاهبهم وقومياتهم في الإنتخابات هي مؤشر بارز علي النضج الفكري لدي الشعب الايراني ، الذي اذهل العالم وقدم له درسا في الانسجام والتضامن والتلاحم الوطني ، واضاف ان قيمة الوطن هي أهم من القوميات ، فاذا ما تعرض الوطن للخطر لن يبقي للقوميات بعدها من اثر.
اما ممثل جمعية الطائفة اليهودية في إصفهان صيون ماه كرفتة ، فقد اعتبر المشاركة في الإنتخابات بانها واجب شرعي ووطنيعلي جميع الإيرانيين باختلاف مذاهبهم وأديانهم ، وقال اننا جميعا نحمل الهوية الوطنية الإيرانية وبالتالي ينبغي علينا المشاركة في الإنتخابات لنقرر مصير بلدنا بانفسنا.
بدوره اعلن رئيس جمعية علماء الدين الزرادشتية فريبرز شهزادي، ان من الضروري مشاركة الزرادشتية في الانتخابات ، كون ايران بلدنا ، وان عزته و شموخه هدف جميع الايرانيين ، معربا عن ارتياحه لتائيد اهلية اثنين من مرشحي الديانة الزرادشتية في انتخابات المجلس البلدي في المحافظة ، مؤكدا ان هذا مؤشرا علي المساواة بين المواطنين في ايران.
من المظاهر الاخري لملحمة الانتخابات ، مشاركة مواطنين من الجنسين تجاوزت اعمارهم ال100 عام ، ومشاركة مواطنين معاقين جسديا ، كما هو حال الفتاة الشيرازية التي شاركت للمرة الاولي في الانتخابات بعد بلوغها السن القانونية ، التي بصمت باصبع قدمها اليمني علي بطاقة الاقتراع لانها فقدت ذراعيها منذ الصغر.
المشاركة الملحمية للشعب الايراني في الانتخابات الرئاسية والمجالس البلدية ، اخرست الابواق المأجورة والاعلام المعادي للشعب الايراني ، وحصنت ايران امام المخاطر والتهديدات الخارجية ، فهذه المشاركة هي تجسيد عملي لنظام السيادة الشعبية الدينية القائم علي اراء الشعب ، الذي يختار مسؤوليه بدء من منصب قائد الثورة الي اصغر مسؤول في المجالس البلدية.
امريكا شنت حروبها علي العديد من دول العالم تحت ذريعة نشر الديمقراطية ومحاربة الانظمة الاستبدادية ، الا انها ومنذ اكثر من 36 عاما تقف عاجزة امام الجمهورية الاسلامية في ايران ، التي فرض شعبها ومازال يفرض ارادته لا علي امريكا فحسب بل علي العالم اجمع ، من خلال تواجده الدائم في الساحة ورفضه التخلي عن سيادته واستقلاله وامنه وما الانتخابات الاخيرة التي كان فيها الشعب الايراني الفائز الاكبر ، الا جانبا من جوانب هذه الارادة.
المصدر: شفقنا