عصر إيران - تشهد العلاقات التجارية بين السلطنة وإيران نموا متواصلا في ظل تكاتف البلدين لتعزيزها على النحو المأمول، وتوضح الإحصائيات ارتفاع حجم التبادل التجاري الخارجي بين السلطنة وإيران مسجلا خلال العام الماضي زيادة بنسبة 35 بالمائة ليصل إلى 1.350 مليار "ورقة الدولار" مقارنة مع نحو مليار "ورقة الدولار" فقط في عام 2015.
وترجع الزيادة في حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى فتح مجالات النقل المباشر من خلال الملاحة البحرية عبر الشركة الوطنية العمانية للعبارات وجوا عبر الطيران العماني وكذلك مرونة في إجراءات التأشيرات للسفر والتنقل بين البلدين، إضافة إلى نشاط في الزيارات المتبادلة لأصحاب الأعمال من كلا البلدين لاستطلاع واقتناص فرص الاستثمار المتاحة، كما تم تنظيم عدد من المعارض التجارية التي تلعب دورا مهما في توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية.
وفي الوقت الحالي هناك خطان جويان للطيران العماني بين مسقط وكل من طهران ومشهد، و3 خطوط لشركة العبارات الوطنية بين كل من مدن بندر عباس وصحار وشناص، كما يستمد التبادل التجاري بين السلطنة وإيران زخما من نمو حجم تجارة المواد الغذائية المستوردة من إيران، بالإضافة إلى حركة بعض المنتجات المعاد تصديرها إلى إيران من دول العالم عبر السلطنة عن طريق استخدام ميناءي صلالة وصحار، ومؤخرا تم استئناف المحادثات بين السلطنة وإيران بهدف وضع اللمسات الأخيرة لاتفاق تصدير الغاز الطبيعي والشراكة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال، ويتمثل المشروع في نقل الغاز من حقل كيش في إيران إلى السلطنة، وذلك عبر مسافة 200 كيلومتر ويتوقع أن يتم نقل حوالي مليون قدم مكعب من الغاز، ومع الانتهاء من مختلف مراحل المشروع المراحل الأخرى، من المتوقع أن تتضاعف هذه الكمية لتصل إلى ثلاثة ملايين قدم مكعب من الغاز يوميا، وحسب تصريحات وزارة البترول والغاز فقد وصلت السلطنة وإيران إلى مرحلة متقدمة في تصميم خط الأنابيب واتفقتا على خيار أكثر عمقا فيما يخص مسار خط الغاز.
وتقوم اللجنة الاقتصادية العُمانية – الإيرانية المشتركة بدفع عجلة العلاقات بين مسؤولي الحكومتين من جهة وتعزيز أوجه المساعده مع مسؤولي المؤسسات والشركات العمانية والإيرانية من جهة أخرى، وهناك عديد من المشروعات القائمة والمزمعة بين البلدين في مختلف مجالات الاستثمار، وفي المجال الغذائي زار وفد إيراني من غرفة التجارة والصناعة السلطنة مؤخرا وتم خلال اللقاء استعراض فرص الاستثمار في المشروعات الغذائية في السلطنة والاستفادة من المزايا والخدمات والتسهيلات التي توفرها خصوصا من خلال ميناءي شناص والسويق، واعرب الوفد الإيراني عن رغبة بلاده في زيادة تعاونها التجاري مع السلطنة خصوصا في مجالات المواشي و اللحمة الحمراء والأسماك والمنتجات الزراعية المختلفة مقدرين الفرص والحوافز المتاحة والتي تعزز العلاقات الودية بين البلدين الجارين، كما زار وفد تجاري إيراني يضم 15 مستثمرا في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والسياحية المؤسسة العامة للمناطق الصناعية للاطلاع على طبيعة الاستثمار في السلطنة والمميزات والتسهيلات التي يحصل عليها المستثمر المحلي والأجنبي.
وخلال زيارة لمنطقة الدقم الاقتصادية الخاصة اجتمع معالي يحيى بن سعيد بن عبدالله الجابري رئيس مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية بالدقم مع وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني حيث تناولا عدة قضايا تهم بعض المشروعات الصناعية التي تهدف إيران إلى المبادرة بها، بالإضافة إلى مناقشة بعض الصعوبات التي تكمن في مجال التأشيرات وحركة التجار بين البلدين، في الوقت الذي يأمل الجانبان المضي قدما في إقامة مصنع تجميع للسيارات الإيرانية بمدينة الدقم الصناعية، وتوفير الأرضية والبنية الأساسية اللازمة لإقامة المصنع، وتعزيز توجهات كل من شركة خودرو الإيرانية لصناعة السيارات وصندوق عمان للاستثمار.
وفي منتصف العام الماضي أطلق الطيران العُماني أحدث خدماته بين مسقط ومدينة مشهد الإيرانية، وتأتي مشهد كثاني وجهات الطيران العُماني إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في أعقاب تدشين رحلاته إلى العاصمة طهران في عام 2012. ويأتي تدشين هذه الخدمة استجابة للطلب المتزايد على هذا الخط، ومن شأن هذه الخدمة أن تقوي الروابط التجارية الثنائية القائمة بين السلطنة وإيران، إلى جانب تقديم المزيد من الفرص لشعوب البلدين، ومشهد هي ثاني أكبر المدن الإيرانية كثافة في السكان، إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 2.8 مليون نسمة، كما تعد أيضا مركزا مهما للشؤون الثقافية والدينية والتجارية. وبحكم موقعها في الشمال الشرقي من إيران، فإن النشاط الاقتصادي لمشهد يقوم على تجارة الفاكهة، والمكسرات، والتوابل والأحجار الكريمة، والمجوهرات بالإضافة إلى العطور والمنسوجات. وهي أيضا ثاني أكبر مركز صناعي لصناعة السيارات في إيران.
وخلال العام الماضي دشنت الشركة الوطنية للعبارات ثاني وجهاتها الإقليمية إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية انطلاقا من ميناء خصب بمدينة مسندم إلى ميناء باهونار في مدينة بندر عباس في رحلة تستغرق ساعتين باستخدام العبارة "الحلانيات”. وعقب حفل التدشين صرح معالي الطبيب علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة إن تدشين الخط يهدف بالدرجة الأولى لنقل البضائع بين البلدين في مدة زمنية تقدر بحوالي الساعتين وهذه الرحلة تستطيع أن تربط بين ميناء خصب وبندر عباس وميناء خصب الى ميناء شناص ودبا وصولا الى مسقط والتي من خلالها سيتم نقل البضائع والمواد الغذائية الطازجة والمبردة ومن شأنه أن يعطي حافزا كبيرا للشركة الوطنية للعبارات كونها تمتلك 7 عبارات حديثة حيث يعتبر هذا الخط البحري هو الثاني للشركة بعد خط خصب قشم، داعيا معاليه رجال الأعمال والقطاع الخاص لاستخدام الفرص المتاحة لديهم لنقل بضائعهم على هذا الخط ومشيرا الى انه فيما يتعلق بالمجال السياحي فإنه بلا شك سيدعم الحركة السياحية بين البلدين وهذا الخط سيساعد على ربط الكثير من دول مجلس المساعده بإيران مرورا بالسلطنة بالإضافة إلى انه سيعمل على توفير فرص عمل للشباب.
ويعمل هذا الخط الدولي على ربط محافظة مسندم انطلاقا من ميناء خصب بمدينة بندر عباس الإيرانية حيث سيستفيد القطاع الخاص في البلدين من انتعاش الحركة التجارية والسياحية بين البلدين كون عدد السكان في بندر عباس حوالي مليوني نسمة مما يعزز التبادل التجاري والسياحي، كما يعمل الخط على جذب البضائع العابرة من الدول الأخرى لاستخدام المحور الدولي للنقل والعبور وتعزيز فاعلية روابط النقل وتسهيل الوصول إلى الأسواق العالمية.
وسبق تدشين هذا الخط خط آخر بين ميناءي خصب وقشم، وتعتبر جزيرة قشم من المناطق السياحية الحرة وتشهد زيارة 6-5 ملايين سائح سنويا يقصدون الجزيرة سواء للسياحة أو التبادل التجاري، وتمتاز قشم مقارنة بغيرها من مدن إيران أن الدخول لها لا يتطلب تأشيرة كما أن الامتياز الأهم هو إعفاء الشركات الراغبة في الاستثمار من الضرائب 100 بالمائة ويمكنهم استقدام عمالهم معهم للعمل، وبعد افتتاح خط قشم أشارت إدارة السياحة بمدينة مسندم أنه تم التوصل مع مدير إدارة السياحة بالمنطقة الحرة بجزيرة قشم الإيرانية لمجموعة من الحوافز تقدم من المنطقة الحرة للمسافرين والسياح ورجال الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في محافظة مسندم وباقي مدن السلطنة، وتأتي هذه الحوافز في إطار تدشين الخط الملاحي خصب قشم وتنشيطا للحركة السياحية والملاحية والذي سبقته اجتماعات متعددة تم خلالها إعداد حزمة من الضوابط والإجراءات التي سينطلق من خلالها التبادل السياحي والاقتصادي بين مسندم والمنطقة الحرة.
وبشكل عام تعمل هذه الخطوط البحرية على ربط الموانئ العمانية والإيرانية من اجل تعزيز الحركة التجارية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية وتعتبر نقطة انطلاقة في مجال زيادة الحركة التجارية والسياحية بين البلدين، فضلا عن تعزيز مؤسسات القطاع الخاص وفتح آفاق جديدة في مجال التنمية الاقتصادية والتبادل التجاري ودعم الاستثمار بين البلدين وتوفير فرص استثمارية لأصحاب المؤسسات الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة في القطاعات الواعدة كالقطاع السياحي والتجاري وقطاع الاستيراد والتصدير والقطاع الزراعي والسمكي والقطاع اللوجستي وقطاع الصناعات الخفيفة والخدمات.
ومن ضمن الأنشطة التي تثري العلاقات التجارية بين البلدين تنظيم المعارض لزيادة فرص التعريف بالمنتجات والسلع الاستهلاكية وتعزيز التبادل التجاري بين البلدين والعمل على الترويج والتسويق المشترك. وتعد المعارض فرصة طيبة للشركات العمانية للالتقاء بالشركات الإيرانية والتوصل لاتفاقيات للتصدير والاستيراد أو استخدام السلطنة كدولة لإعادة تصدير بعض المنتجات الإيرانية للمنطقة وأفريقيا، وحسب تصريحات وزارة التجارة والصناعة توجد في السلطنة حوالي 259 شركة إيرانية عمانية مختلطة لكن حجم التجارة البينية مازال أقل من مستوى الطموح مقارنة بالسوق الإيراني الكبير الواعد وقدرات السلطنة ومشاريعها .
وخلال الفترة الماضية تمت إقامة المعرض الثاني للسلع الاستهلاكية الإيرانية في مسندم فيما يعد تواصلا لمسيرة توثيق وتعزيز العلاقات العمانية والإيرانية، وتعزيز التبادل التجاري ضمن حزمة من الأنشطة القادمة التي تجمع بين البلدين، وتضمن برامج المعرض انعقاد عدد من اللقاءات الثنائية بين الطرفين لتتاح الفرصة أمام أصحاب الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة للحصول على شراكات واتفاقيات عمل تخدم الطرفين، كما تم التعريف بأبرز السلع الاستهلاكية التي من الممكن أن يتم تبادل الاستثمار فيها. وكان المعرض الإيراني للسلع الاستهلاكية الثاني تتويجا للنجاح الذي حققه المعرض الإيراني الأول في العام الماضي، حيث ركز المعرض في ثاني دوراته على عرض أبرز ما تتميز به محافظة هرمزجان من سلع استهلاكية قد تحظى بإقبال واسع من قبل الزائرين للمعرض من مختلف شرائح المجتمع ومختلف المدن، وشاركت في المعرض 30 شركة إيرانية من مختلف القطاعات (قطاع المواد الغذائية – قطاع مواد البناء والمقاولات – الرخام والسيراميك- والصناعات الخفيفة – القطاع الزراعي – القطاع السمكي) بهدف دعم التبادل التجاري مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتفعيل ودعم الاستثمار في القطاعات الواعدة بين الجانبين بشكل يعزز من الاقتصاد الوطني ويساهم في التنوع الاقتصادي.
أما معرض المنتجات الإيرانية الذي أقيم بمركز عمان الدولي للمعارض فقد استهدف تعزيز التبادل التجاري بين السلطنة والجمهورية الإسلامية الإيرانية بمشاركة أكثر من 100 شركة إيرانية ويعد من أكبر المعارض التي أقيمت للشركات الإيرانية في السلطنة وضم منتجات مختلفة تتنوع بين السلع الضرورية والكمالية ومن بين تلك المعروضات المنتجات الغذائية وآلات تصنيعها وحفظها وإعدادها والمنتجات الزراعية وآلات الميكنة الزراعية والمعادن وأدوات التعدين والمستلزمات والمعدات الطبية والمخبرية والسجاد الفارسي بأنواعه ومشتقات البترول والغاز والمنتجات البتروكيماوية والمنتجات الكهربائية ومواد البناء والأثاث والديكور الداخلي والنسيج والمنتجات الجلدية وعرض للسيارات إيرانية الصنع وقطع غيار السيارات والمنظفات والمستلزمات المنزلية. وشارك في المعرض ممثلون من تجمعات صناعية مختلفة في إيران كمصنعي السيراميك والسجاد وبعض بيوت الخبرة والشركات التجارية وسعت كثير من الشركات المشاركة في المعرض للبحث عن فرص استثمارية في السلطنة.
المصدر: الأفق