ولماذا اندلعت القضية السورية؟ وقبل 19 شهرا حيث اندلعت الشرارة الاولى للثورات على اساس الصحوة الاسلامية في توسن، فوجئت اميركا واسرائيل والسعودية لعدة اشهر. وحصيلة هذه المفاجئة تمثلت في سقوط نظام بن علي في تونس وتهاوي نظام مبارك في مصر.
عصر ايران – تتضاءل ادارة اميركا للازمة المصطعنة ضد سورية يوما بعد يوم. وهذا الامر لا يتناقض مع التحليل القائل بان الضغوط على دمشق هي في اوجها. ان سورية تتعرض لضغوطات سياسية وعسكرية وامنية عنيفة. لكن تصاعد الضغوط هذا لا يعني بالضرورة اشراف اميركا وحلفاؤها على مشروع الازمة الذي تمت هندسته. ويمكن الان الزعم بان تنفيذ الخطة المدرسة على مدى 16 شهرا الماضية قد مضى على النقيض من الخطة الاصلية وربما قد انحرف عن السكة نوعا ما. بعبارة اخرى يمكن القول بان مخطط اميركا – اسرائيل - وعملائهما في المنطقة – قد ارتد عليهم تماما ربما يشبه ما حدث في افغانستان والعراق.
ولماذا اندلعت القضية السورية؟ وقبل 19 شهرا حيث اندلعت الشرارة الاولى للثورات على اساس الصحوة الاسلامية في توسن، فوجئت اميركا واسرائيل والسعودية لعدة اشهر. وحصيلة هذه المفاجئة تمثلت في سقوط نظام بن علي في تونس وتهاوي نظام مبارك في مصر.
لكن اميركا وحلفاءها كانوا بحاجة الى صرف انتباه الراي العام عن جغرافيا المنطقة من اجل احتواء النهضات في المنطقة. وهؤلاء ومن اجل المضي قدما بالسيناريو الجديد، رشحوا سورية لتكون هدفهم اللاحق.
وكان المخطط الذي اعد هو: اثارة ثورة اصطناعية في سورية.
وعندما تدخل ارهابيون – معظمهم مستوردون وتابعون للقاعدة والمجموعات السلفية – مدعومين بصورة علانية من حكومات مثل السعودية وتركيا على الخط، اتضح بانه لا يمكن تسمية هذه الشعوذة الارهابية الخارجية، ثورة من اجل الديقراطية على الاطلاق.
ان صدمة العمليات الارهابية – العسكرية لم تستطع القضاء على سوريا فضلا عن ان المعارضة المستظهرة باميركا والاتحاد الاوروبي والمساعدات السعودية والقطرية والتركية لم تستطع هي الاخرى مدعومة من الشحن والتهويل الاعلاميين، ايجاد نزف في الهيكل السياسي او العسكري لنظام الحكم في سورية.
ورات اميركا ومعها تركيا والكيان الصهيوني بان الاضرار الاستراتيجية في التطورات السورية، سترتد عليها وستظهر نفسها بمرور الزمن. ان ذكاء سورية في الحرب المحدودة الاخيرة سيشكل اشارة تحذير كبيرة الى الكيان الصهيوني. لكن الحكومة التركية التي كانت الى ما قبل سنوات مضت حظيت بمصداقية بسبب دعم الشعب الفلسطيني، قلصت الان دورها الى مستوى عميل لاجهزة الاستخبارات الامريكية والاسرائيلية والسعودية. ان هذا التخبط الاستراتيجي ارتكبته قبل عقدين من الزمن الحكومة الباكستانية التي اصبحت الان متورطة مع مغامرات القاعدة والمجموعات السلفية.
ان حكاية تصرفات مثلث اميركا واسرائيل والسعودية هي حكاية المقامر الذي يقامر ويخسر فيقترض مالا ويدفع ارباحه لكي يواصل القمار بمخاطرة اكبر عله يربح في الدفعة القادمة. ان "الارهابوكراسي" سيطال عاجلا أم اجلا اميركا كما طالها الان بابعاد اقل في افغانستان. ان "الارهابوكراسي" في العراق لم يزد الا من كراهية الشعب العراقي لاميركا والسعودية. كما ان تربية وتنشئة المجموعات الارهابية في افغانستان اصبح كارثيا يقض مضاجع العسكريين الامريكيين.
ان المارد الذي انطلق من القمقم بارادة من اميركا والسعودية وبريطانيا، لن يعود بهذه البساطة الى قمقمه.
ان الارهاب والارهابوكراسي الذين اتبعته اميركا وحلفاؤها محفوف بكثير من المخاطر. بالضبط مثل اللعب مع الافاعي السامة. ان هذا السلوك الخطير يمكن ان يعيد انتاج نفسه كل لحظة ضد اميركا او السعودية او تركيا، ويتصرف على النقيض من الغاية التي ارسي من اجلها. ان اميركا ارتكبت اخطاء قاتلة في سورية والقت بنفسها في البئر متمسكة بحبل السعودية واسرائيل. وربما ان هذا السلوك هو سلوك متخبط ومرتبك يشبه الشخص الذي يسقط في الوحل فلا يدري ماذا عليه ان يفعل لانقاذ نفسه.