عصر إيران - نشرت صحيفة "أوبزيرفر" مقالا للمعلق سايمون تيسدال، استبعد فيه اندلاع حرب واسعة بين إيران وإسرائيل.
ويقول الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "لكل طرف اعتباراته الخاصة، فإيران تريد تقوية وجودها في سوريا، وإسرائيل لديها مشكلاتها الداخلية رغم تفوقها العسكري".
ويشير تيسدال إلى أن المواجهة بين إيران وإسرائيل أثارت مخاوف بأن الشرق الأوسط يسير نحو حرب شاملة، لافتا إلى أن من تحدث عن حرب واسعة كان يفترض أن الطرفين مستعدان للحرب ويرغبان فيها.
ويتساءل الكاتب عما إذا كان هذا صحيحا، مشيرا إلى أن "إيران، التي تعدها إدارة دونالد ترامب والسعودية قوة غاشمة، قامت بتوسيع وجودها في سوريا منذ دعمها لبشار الأسد، بعد الثورة السورية عام 2011، ونشرت مقاتلين أفغانين شيعة وعراقيين ومن مناطق أخرى، بالإضافة إلى حزب الله والحرس الثوري، بشكل جعل معظم الإسرائيليين يرون أن إيران تمثل تهديدا وجوديا عليهم".
ويعلق تيسدال قائلا إن "إيران، التي تشعر بالجرأة بناء على اعتقاد بانتصار الأسد، تقوم بتحويل بنادقها وانتباهها نحو إسرائيل، أو كما يعتقد القادة الإسرائيليون، الذين يقولون إن (خطهم الأحمر) الذي يمنع وجودا إيرانيا دائما في سوريا ونقل السلاح إلى حزب تم تجاهله، ويشعر القادة العسكريون الإسرائيليون بالقلق من بناء إيران مصنعا في لبنان، يتم من خلاله تصنيع صواريخ طويلة المدى ودقيقة".
ويفيد الكاتب بأن "الحديث بين قادة إسرائيل كان يدور حول مواجهة إيران أولا، بدلا من الانتظار، كما حدث في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، عندما ضربت إسرائيل منشأة عسكرية في الكسوة قرب العاصمة قرب دمشق".
ويلفت تيسدال إلى أن "مواجهة الأسبوع الماضي كشفت عن عدد من الأمور التي لم تحدث من قبل، حيث كانت المرة الأولى التي تواجه فيها إسرائيل إيران بشكل علني، ويتم فيها إرسال طائرة إيرانية دون طيار، وهي المرة الأولى التي تسقط فيها مقاتلة إسرائيلية منذ عام 1982، وأول مرة تضرب فيها إسرائيل مواقع إيرانية في سوريا ومركز قيادة وبطاريات صواريخ حول دمشق".
ويجد الكاتب أن "لا أحد يعلم نوايا إيران في سوريا، التي لا تزال غامضة، ففيلق القدس، التابع للحرس الثوري، الذي يقوده قاسم سليماني، مرتبط بجماعات متطرفة، تدعو (لمحو الكيان الصهيوني)، وعلى الرغم من أن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي مضطر للدعم، إلا أنه بحاجة لبناء نوع من التوازن مع الجماعات البراغماتية التي يمثلها الرئيس الشعبي المنتخب حسن روحاني".
ويلفت تيسدال إلى أن "الاحتجاجات العام الماضي كشفت عن المظالم الاقتصادية، وثمن المغامرات الإيرانية في الخارج، سوريا واليمن، وعليه فإن حربا إقليمية جديدة ستكون بمثابة انتحار سياسي للنظام".
ويقول الكاتب: "يعلم قادة إيران من اليمين واليسار أن مواجهة مفتوحة مع إسرائيل ستكون بمثابة المبرر الذي يحن إليه ترامب لتمزيق الاتفاقية النووية، ولفرض عقوبات صارمة، والتعاون مع السعودية، وربما أمر بتدخل عسكري".
ويستدرك تيسدال بأنه "رغم أن البعض قد يرحب بالمواجهة مع (الشيطان الأكبر)، إلا أن الكثيرين قد لا يرحبون، بالإضافة إلى أن أعضاء التحالف مع الأسد لن يرحبوا بحرب واسعة، فروسيا تحاول إنهاء تدخلها العسكري، وتأمين حل سياسي، وليست معنية بالضرورة باستفزاز إسرائيل".
ويذهب الكاتب إلى أن "الأسد يركز انتباهه على التخلص من بقايا المقاومة لنظامه في إدلب، وإعادة الإعمار، وليس فتح جبهة جديدة، وفي السياق ذاته فإن حزب الله، الذي تعرض لخسائر كبيرة في لبنان، يريد التركيز على الانتخابات اللبنانية، بدلا من المواجهة مع الجيش الإسرائيلي".
ويرى تيسدال أن "إسرائيل هي الأخرى لا تريد حربا، فهي تواجه أزمة سياسية، واتهامات رشاوى ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع أن هناك صقورا يريدون المواجهة، وقامت إسرائيل بمئة غارة جوية خلال السنوات الماضية، ويتحدث صقور إسرائيل عن التفوق الجوي الإسرائيلي والقدرات العسكرية".
ويستدرك الكاتب بأنه على الرغم من خسارة مقاتلة عسكرية، فإن مسؤول الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يالدين يقول: "أظهرت إسرائيل قدراتها للدفاع عن المجال الجوي، وأكدت قدرتها على جعل دمشق مفتوحة، بعد تدمير مكونات لنظام الدفاع الجوي".
ويعلق تيسدال قائلا: "سواء كان كلامه صحيحا أم لا فإن هناك قوى أخرى قد تقف ضد الحرب، فحرب شاملة مع إيران في سوريا قد تتحول لحرب على ثلاث جبهات في غزة ولبنان، ولن يفيد إسرائيل الاعتماد على صديقتها الجديدة السعودية، فالكراهية لإيران لا تلغي العداء المستحكم ضد إسرائيل، ومن سيراهن على مستقبل إسرائيل غير الرئيس الزئبقي ترامب؟ ففي الماضي كان على إسرائيل أن تقاتل وحيدة، وتظل إيران عدوا مختلفا عن العرب الذين قاتلتهم في الماضي، فما لا تملكه من الأسلحة المتقدمة تعوضه بالتصميم والأعداد، كما اكتشف صدام حسين في الثمانينيات من القرن الماضي".
ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "الحرب تظل بالنسبة للطرفين مقترحا عبثيا، وإن بقيت إيران في سوريا، وواصلت توسعها العسكري هناك، وظلت إسرائيل تخترق الحدود في غاراتها، فإن شيئا كبيرا سيحدث".
(المقال لا يعبر عن رأى عصر إيران)