عصر إيران - يعيش الشرق الأوسط إحدى لحظاته الأكثر تأزما بعد انسحاب أمريكا من العراق؛ ليس لأن الحرب في سوريا دخلت مرحلة تحديد الخاسر والرابح، وليس لأنه لا شيء يشيء الى انتهاء الحرب في اليمن، وهذا قسم فقط من محاور الأزمة في الشرق الأوسط، والتي تتأجج يوما بعد يوم.
الشرق الأوسط متورط في الحرب منذ عدة سنوات، حروب يؤدي الممثلون أدوارهم فيها بالمناوبة.
وفي خضم هذا هناك علائم جدية تدل على ان عام 2018 بالنسبة للشرق الأوسط هو عام انتهاء الحرب لأصحاب الأدوار الرئيسية.
خلافا لتصور الكثير ممن يزعمون ان ترامب شخص غير طبيعي، لابد من القول ان الرئيس الامريكي يعرف جيدا ما يبحث عنه. فإصدار حكمه بنقل السفارة الأمريكية الى القدس، بلغ الشرق الأوسط رسالته بأن واشنطن تبحث عن تغيير كل المعادلات.
والآن لقد حان الوقت لتكتب أمريكا وصفتها الجديدة للشرق الأوسط. ومن الطبيعي ان يكون ضروريا تغيير الوضع الحالي. والحاجز الأكبر أمام هذه الوصفة الأمريكية هو المخيم الإيراني. تظن واشنطن ان طهران تجاوزت دورها، ولذلك أولوية الأمريكان هي تقليص النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط والذي يمتد من طهران الى بيروت. فالمحور الإيراني يسيطر اليوم على المعبر الحدودي الرئيسي بين العراق وسوريا اي قائم-أبو كمال، المعبر الذي يعني الطريق البري بين طهران وبيروت. وقد حاولت غرفة العمليات الأمريكية الواقعة في تنف السورية ان تحول دون سيطرة المحور الايراني على هذا المعبر، المحاولة التي باءت أخيرا بالفشل. غير ان الخطر مازال باقيا في هذه النقطة. وقوات داعش انسحبوا من هذه المنطقة نحو شرق الفرات، حيث تسيطر القوات الديموقراطية السورية (الكردية) المدعومة من قبل أمريكا.
أما أكثر المناطق حساسية والتي يعتبر وجود المخيم الإيراني فيها تهديدا جديا لإسرائيل هي منطقة الجولان الواقعة جنوب غرب دمشق. فمرتفعات الجولان تمتد من شمال الغرب الى لبنان، من الجنوب الى الأردن ومن الغرب الى اسرائيل. وقد استطاع الجيش السوري وحلفاؤه خلال الأسابيع الأخيرة ان يسيطروا على منطقة بيت الجن المجاورة لمرتفعات الجولان، ويحاولوا الآن ان يتقدموا نحو الجنوب ليسيطروا على المناطق الحدودية لفلسطين المحتلة. الأمر الذي لا تتقبله ابدا أمريكا وإسرائيل.