عصر إيران - وکالات - اعتبرت صحيفة ميدل إيست أي، أن السعودية لن تستطيع أن تخوض حرباً ضد إيران، لعدة اعتبارات.
وهذه الاعتبارات هي العسكرية والدبلوماسية أيضاً والذي نتج عن الهزائم التي تعرضت لها الرياض في الفترة الأخيرة بما فيها الحرب ضد اليمن، وكذلك استقالة سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني والتي تراجع عنها بعد عودته لبلاده.
وقالت ميدل إيست أي البريطاني، ان التنافس الجيوسياسي بين السعودية وإيران ليس جديداً. فحتى قبل ثورة 1979، التي أدَّت إلى إقامة الجمهورية الإسلامية، كان يُنظَر في العالم العربي، وعلى نطاقٍ واسع، إلى إيران باعتبارها منافساً إقليمياً.
وأشارت إلى أن الموقف الذي قامت به نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، دليل آخر على الكيفية التي انتشرت بها التوتُّرات المتصاعِدة بين طهران والرياض على الساحة الدولية.
وكانت نيكي قد عرضت، حُطاماً مُستعَاداً لصاروخٍ من طراز بركان اتش 2 الباليستي أطلقته انصار الله على مطار الملك خالد بالرياض في 4 نوفمبر الماضي. جرى العرض الذي قدَّمته هيلي في قاعدة بولينغ التابعة لسلاح الجو في واشنطن، والتي تُعَد مقراً لوكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية.
رحَّبت السعودية على الفور بتصريحات هيلي، وحثَّت المجتمع الدولي على “محاسبة النظام الإيراني”، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية.
مواجهة عسكرية؟
وبحسب الصحيفة تواصل الصراع الجيوسياسي والأيديولوجي على القوة والنفوذ في الشرق الأوسط بأشكالٍ ودرجاتٍ مختلفة منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وحتى الآن.
واليوم، وصلت التوتُّرات بين الجمهورية الإسلامية والمملكة العربية السعودية إلى مستوى غير مسبوق.
فحين شنَّ تنظيم داعش هجوماً إرهابياً مميتاً في طهران في 7 يونيو الماضي، حمَّلت أجهزة الاستخبارات والقادة الإيرانيون على الفور السعودية مسؤولية هذا العمل الوحشي.
ورداً على ذلك، كان إطلاق الحرس الثوري الإيراني صواريخ ضد مواقع داعش في محافظة دير الزور السورية في 18 يونيو/حزيران بالمقام الأول تحذيراً للرياض. ومن ناحيةٍ أخرى، حين أطلقت حركة أنصار الله صاروخاً باليستياً على العاصمة السعودية، الرياض، في 4 نوفمبر وُجِّهَت أصابع الاتهام سريعاً إلى طهران.
ووصل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى حد وصف الهجوم بأنَّه “عملٌ من أعمال الحرب” واتَّهم إيران بالقيام بـ”عدوانٍ عسكري مباشر” على المملكة. وفي حين أنَّ مخاطر خروج المواجهة الإقليمية عن السيطرة كبيرة، لا يسع السعودية تحمُّل مواجهة عسكرية مع إيران في المرحلة الحالية.
قيادة متهورة
إنَّ حقيقة أنَّ التدخُّل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن بعيدٌ عن تحقيق أهدافه المُعلنة رغم مرور ثلاث سنوات من العمليات الشديدة يُمثِّل عقبةً أخرى في طريق حربٍ سعودية مع إيران، بحسب مقال الكاتب.
وبالفعل، أدَّت عمليتا “عاصفة الحزم” و”إعادة الأمل”، اللتان تُشكِّلان حملة الرياض في اليمن رسمياً، إلى تعثُّر السعودية في حربٍ أهلية مُكلِّفة ومُستنزِفة دون تحقيق الكثير من النتائج أو إحراز انتصارٍ كبير للتحالف المشارك في التدخُّل.
ولن تتردَّد إيران أيضاً، في حال نشبت مواجهة كبرى بين المنافسين الإقليميين، في نشر صواريخها الباليستية ضد الأهداف السعودية على الجانب الآخر من الخليج الفارسي، بما في ذلك ربما البنية التحتية السعودية الخاصة بإنتاج وتصدير النفط.
وبلا شك سيؤثر ذلك على إمدادات النفط العالمية على نحوٍ دراماتيكي ويرسل موجاتٍ من الصدمة إلى مختلف أسواق الطاقة العالمية.
وبعيداً عن نمط القيادة المندفع والمتهور الذي يمارسه شخصياً ولي العهد محمد بن سلمان، هناك عوامل هيكلية ذات طبيعة نفسية أو سيكولوجية تُحرِّك السياسة الخارجية السعودية المغامرة في المقام الأول.
عقدة الدونية
في وجه إيران الصاعِدة، والتي للمفارقة أصبحت أكثر قوة جرَّاء الاتفاق النووي لعام 2015 ، يبدو أنَّ الرياض تعاني من شعورٍ بالدونية، والتي تحاول التعامل معه عبر سلسلةٍ من ردود الفعل السلبية العدوانية.
ومن أمثلة ذلك التدخُّل العسكري الفاشل في اليمن الذي بدأه السعوديون في مطلع 2015، أي في خضم المفاوضات النووية بين إيران والقوى الدولية.
ويُعَد كلٌ من حصار قطر الذي جاء بنتائج عكسية، ومؤخراً الاستقالة القسرية التي فشلت في نهاية المطاف لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، مثالين آخرين على هذه السياسة قصيرة النظر، التي كانت تهدف أساساً لإلحاق الضرر بمنافِسة السعودية اللدودة، إيران، بأي ثمن.
وأخيراً، لا يمكن للسعودية خوض حربٍ فائزة مع إيران لأنَّ حلفاءها الإقليميين والغربيين الأقوياء، لا سيَّما "إسرائيل" والولايات المتحدة، ليسوا مستعدين للقيام بتضحياتٍ كبيرة نيابةً عنها طالما أنَّ أهدافهم الاستراتيجية ليست مُعرَّضة للخطر بصورةٍ مباشرة.
وقد فسَّر الكثيرون الاستقالة المريبة لسعد الحريري، التي أُعلِنَت من الرياض وعُلِّقت لاحقاً بُعيد وصول الحريري إلى لبنان، باعتبارها محاولة سعودية يائسة لتقويض الجمهورية الإسلامية عبر تحريض "إسرائيل " للدخول في مواجهةٍ عسكرية مع حزب الله.
وعلى الرغم من كل الضجيج السياسي والجلبة الإعلامية حول الخطر الإيراني المتزايد في المنطقة، تُرِكَت السعودية بمفردها تقريباً للتعامل مع إيران.
وهو الأمر الذي يقودنا إلى الحل الوحيد المقبول للمشكلات السعودية – الإيرانية، ألا وهو الدبلوماسية.
ما لم، وإلى أن، تُنتَهَج الدبلوماسية بطريقةٍ متبادلة وبنَّاءة واستنفاد الوسائل الدبلوماسية تماماً، لن تُحَل أيٌ من الأزمات التى نشأت نتيجةً للتقدُّمات التي أحرزتها إيران وردود الفعل السعودية عليها في الشرق الأوسط نهائياً.