يذكر أن المحكمة العليا في ديوان الرئاسة صادقت على حكم الإعدام الذي صدر بحق هذا العميل للمخابرات الإسرائيلية الموساد، وتم تنفيذه بتأريخ 14 أيار / مايو عام 2014 م.
عصرایران - فارس - في عام 2010 م شهدت الساحة الإيرانية العديد من الأحداث السياسية المحتدمة، ومن جملتها قيام عملاء الموساد الإسرائيلي بأول عملية اغتيال للعلماء النوويين الإيرانيين بهدف عرقلة البرنامج النووي السلمي في الجمهورية الإسلامية، والضحية هو عالم الفيزياء الدكتور مسعود علي محمدي.
الدكتور مسعود علي محمدي هو أحد أفضل أساتذة جامعة طهران، وفي صباح الثاني عشر من شهر كانون الثاني / يناير عام 2010 م كعادته خرج من منزله في الساعة السابعة والنصف متوجها إلى عمله لكنه فوجئ بانفجار إرهابي دبر له بواسطة دراجة نارية مفخخة كانت مركونة أمام داره فنال الشهادة ليلتحق بالرفيق الأعلى، وقد تم تشييع جثمانه بعد يومين من ذلك في موكب جماهيري مهيب ليوارى الثرى في أحد المزارات المقدسة الواقعة شمالي مدينة طهران.
* من هو عالم الفيزياء الدكتور مسعود علي محمدي؟
الدكتور مسعود علي محمدي هو أستاذ علم الفيزياء في جامعة طهران وممثل الجمهورية الإسلامية في مشروع مسرّع الجزيئات الإلكترونية " سمسم أو سيسمي " Synchrotron light for Experimental Science and Application in the MiddleEast والذي يختصر بعبارة " SESAME " والذي طرحه المركز الدولي لشعاع سنكروترون للعلوم التجريبية والتطبيقية في الشرق الأوسط، كما أنه يعتبر أول طالب حصل على شهادة دكتوراه بعلم الفيزياء في إيران، وقد دون أكثر من 80 مقالة في أهم المجلات العلمية في العالم، وفي عام 2007 م حصل على الدرجة الثانية في مجال البحوث الأساسية ضمن مهرجان الخوارزمي الدولي الحادي والعشرين.
* مسيرته العلمية
أبصر هذا الشهيد النور في مدينة طهران عام 1959 م والتحق بجامعة شيراز لينهي دراسته الجامعية على مستوى البكالوريوس في فرع الفيزياء، ورغم حصوله على منحة دراسية لمواصلة دراساته العليا على مستوى الماجستير في خارج الجمهورية الإسلامية، لكنه رفض ذلك ورجح أن يكملها في داخل البلد، وبالفعل فقد التحق بجامعة أمير كبير الصناعية سنة 1985 م وبعد ثلاث سنوات تخرج ليقبل بعدها كطالب على مستوى الدكتوراه بنفس هذا التخصص وهذه المرة في جامعة شريف الصناعية.
أطروحته في الدكتوراه أشرف عليها الدكتور حسام الدين أرفعي وكان موضوعها نظرية الأوتار أو ما يوسم بنظرية الخيطية " String theory " ومن ثم دون مقالات علمية قيمة عديدة لا نظير لها.
وفي عام 1992 م كان أول طالب تخرج على مستوى الدكتوراه في علم الفيزياء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبعد عام واحد من هذا التأريخ تم تعيينه بشكل رسمي في الكادر التعليمي لكلية الفيزياء بجامعة طهران، ومنذ تلك الآونة بدأ نشاطاته البحثية مع زملائه العلماء في مراكز بحوث العلوم الأساسية، وحتى لحظة استشهاده بقي وفياً لبلده وتخصصه حيث بذل الغالي والنفيس لأجل تحقيق الرقي والتطور لإيران الإسلامية ولم يتوان يوماً عن نشر العلوم والمعارف، ومن ثم بادر إلى تأسيس مركز بحوث تحت عنوان " الفيزياء التطبيقية " في جامعة العلم والصناعة ولكنه لم يتمكن من تحقيق طموحاته التي كان يتطلع لها.
أحد الهواجس الأساسية التي كانت تراود ذهنه باستمرار هو وضع مقررات ممنهجة ومعايير علمية لاختيار المسؤولين عن الشأن العلمي، ومن المناصب العلمية التي تصدى لها رئاسة فرع الفيزياء وإدارة قسم البحوث في كلية برديس للعلوم واختياره كأحد أعضاء هيئة التمييز في جامعة طهران.
* الأستاذ البارع
كان هذا الخبير الفيزيائي أستاذاً حاذقاً حيث بدأ هذه المهنة منذ عام 1984 م حينما كان يدرس في أحد المختبرات، وطوال مسيرته العلمية بادر إلى تدريس العديد من المناهج في علم الفيزياء وما يرتبط به، ومن جملتها ميكانيكا الكم، الميكانيكا التقليدية، الذرات الجذرية، نظرية ميدان الكم، الميكانيكا الإحصائية؛ أضف إلى ذلك فقد ترجم إلى اللغة الفارسية كتاب " ميكانيكا الكم " لعالم الفيزياء الشهير ساكورائي بالتعاون مع زميله حميد رضا مشفق، وبشكل عام فهذا العالم الفذ كان أحد الباحثين من الطراز الأول على صعيد علم الفيزياء في الجمهورية الإسلامية.
* اعتقال منفذ عملية الاغتيال وإعدامه
بتأريخ 11 كانون الأول / ديسمبر عام 2010 م أعلنت وزارة الأمن في الجمهورية الإسلامية خبر اعتقال منفذ العملية الإرهابية التي اغتيل فيها الدكتور مسعود علي محمدي، وهو العميل مجيد جمالي فش الذي ينتمي إلى شبكة إرهابية تشرف عليها المخابرات الإسرائيلية الموساد، وقد اعترف بأنه انتمى إلى هذا التنظيم الإرهابي وخضع لإشراف الموساد الإسرائيلي في إحدى سفراته إلى خارج الجمهورية الإسلامية، كما أكد على أنه التقى بالجواسيس الإسرائيليين عدة مرات في العديد من البلدان، ومن ثم تلقى تدريبات خاصة من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية بهدف اغتيال الدكتور مسعود علي محمدي حينما كان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك في معسكر واقع قرب طريق عام يربط بين القدس وتل أبيب، حيث أشرف على تدريبه ضباط صهاينة.
وأكد هذا العميل أنه حينما عاد إلى الجمهورية الإسلامية قام بتمهيد المقدمات اللازمة لعملية الاغتيال، لذلك هيأ دراجة نارية وقام بتفخيخها وأركنها قرب منزل الدكتور مسعود علي محمدي ليفجرها أثناء خروجه متوجها إلى محل عمله.
ومن جملة اعترافاته التي بثها تلفزيون الجمهورية الإسلامية، قال ما يلي: بعد أن قام ضباط الموساد بإعدادي نفسياً لتنفيذ عملية اغتيال الدكتور مسعود علي محمدي، قمت بتمرينات عملية في المعسكر الذي تدربت فيه والواقع على مقربة من تل أبيب، حيث صنعوا لي أنموذجاً مشابهاً بالكامل للزقاق الذي فيه منزل هذا الشهيد وقمت بإجراء عملية التفجير حسب التعليمات التي تلقيتها لكي أتمكن من تنفيذ المهمة بنجاح.
يذكر أن المحكمة العليا في ديوان الرئاسة صادقت على حكم الإعدام الذي صدر بحق هذا العميل للمخابرات الإسرائيلية الموساد، وتم تنفيذه بتأريخ 14 أيار / مايو عام 2014 م.