عصرایران - استطاعت الدبلوماسية الايرانية خلال الاتفاق الثلاثي الاخير بشان الوقود النووي ان تضع القوى الكبرى و خاصة الولايات المتحدة في موقف حرج اذ رمت الكرة كلية في ملعبهم و هو ما حاولت الولايات المتحدة الالتفاف حوله بزيادة الضغوط و اقناع اعضاء في مجلس الامن بضرورة فرض عقوبات لقطع الطريق كما تقول الادارة الامريكية على ايران لربح الوقت و تسريع برنامجها النووي.
وقد كان لافتا في كل هذا الارتياح الكبير الذي ابدته الدول الثلاث تركيا البرازيل و ايران بشان ما تم الاتفاق عليه و جعله قاعدة لكل محادثات قادمة قد تجعل من الملف النووي الايراني قابلا للحل و بنتائج قد ترضي كل الاطراف خصوصا و ان الامين العام الاممي اعتبر النتائج الاخيرة للاتفاق الثلاثي مريحة كما ابدت العديد من الدول ارتياحها لبيان طهران الاخير و امتعاضها من الدول الكبرى التي تبنت مواقف الادارة الامريكية.
هذه الاخيرة و ان اعتبرت ان ما تم التوصل اليه هو مجرد لعبة من الاعيب الدبلوماسية الايرانية التي - بحسبها - تتقن جيدا فن المراوغة وكيفية العودة الى المربع الاول في ملفها النووي , تدرك تمام الادراك انه من الصعب القفز على الوقائع و تجاوز الدولة المعنية الا و هي ايران في كل صغيرة و كبيرة , وقد بدا ذلك واضحا في كل المبادرات التي روجت لها الادارة الامريكية عبر الهيئات الدولية لتهميش التحرك الايراني و تاليب الراي الدولي عليها.
و بالرغم من كل ذلك تعمل الدبلوماسية الايرانية بهدوء ووفق ما تمليه عليها مصالحها القومية و تستفيد من كل مبادرة من شانها شل اي تحرك امريكي يستهدفها بالدرجة الاولى لتعطيل برنامجها النووي السلمي و كبح جماحها لئلا تتحول في نظر الامريكيين الى قوة اقليمية
تدرك الكثير من الدول اليوم ان البرنامج النووي الايراني سلمي بحت و ان العويل و التهويل الامريكي الصهيوني هو مجرد جعجعة بلا طحين هدفه منع اي دولة مسلمة من التحكم التكنلوجي في كل التقنيات ,و ايران التي عولت على قدراتها الذاتية تدرك ذلك جيدا و هي تسير بخطى ثابتة نحو التقدم و هو ما لا تريده امريكا و معها الصهيونية لان من شان ذلك اسقاط مشروعهم بالشرق الاوسط و تحرر شعوب تلك المنطقة و استعادة فلسطين المحتلة و المتتبع لكل مسار المفاوضات عبر اروقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية مرورا بمجلس الامن يدرك جيدا الخطط الامريكية الصهيونية التي رسمت للايقاع بايران يفرض عقوبات تشلها كلية و بتجنيد ما امكن لمحاصرة اي تحرك ايراني لكسر الخناق الذي تحاول القوى الكبرى فرضه عليها.
و ياتي بيان طهران الاخير بشان تبادل الوقود النووي الذي وقعته الدول الثلاث ايران تركيا و البرازيل خير رد موجع لهذه الغطرسة لفضح الاعيب الادارة الامريكية و معها الدول الكبرى التي تنطوي على مؤامرات خبيثة و جعل شعوب العالم امام الصورة الحقيقية لهذه الادارة , فالعلم اليوم خرج مرحبا بما جاء في مضمون الاتفاق و شجع الدول الموقعة عليه على الاستمرار في سلك هذا النهج الحضاري القانوني بدل اللجوء غير الشرعي و اللاقانوني الى اروقة مجلس الامن او استباق اي قوانين عقوبات.
مرة اخرى تبرز قوة الدبلوماسية الايرانية و حنكتها برمي الكرة في ملعب الاخر , و بقبول ا لمبادرة التركية البرازيلية و التوقيع عليها تتاكد صدقية ايران و التزامها بقوانين الوكالة الدولية و التعاون على اساس المواثيق الاممية فما هي الاستراتيجية الامريكية القادمة بعد تسجيل ايران هدف شرعي عليها ؟